غزوة ذي العشيرة

0

 

غزوة ذي العشيرة: حنكة النبي السياسية

غزوة ذي العشيرة: حنكة النبي السياسية

تُعد غزوة ذي العشيرة، التي وقعت في جمادى الآخرة من العام الثاني للهجرة، حلقة هامة في سلسلة الجهود التي قام بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم لتمكين دولة الإسلام الوليدة. سميت الغزوة بهذا الاسم نسبة إلى موقعها في موضع بين مكة والمدينة، من بطن ينبع. قادها النبي بنفسه، وحمل اللواء عمه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.

---

أسباب الغزوة وأحداثها

كانت الغزوة تهدف إلى اعتراض قافلة لقريش متجهة إلى الشام، وذلك في إطار السياسة الجديدة التي اتبعها المسلمون للرد على عدوان قريش المتواصل، وتهديد مصالحهم الاقتصادية بعد أن أذن الله لهم بدفع المشركين. خرج النبي صلى الله عليه وسلم في نحو 150 من المهاجرين، وعلى الرغم من أنهم لم يلحقوا بالقافلة، التي كانت قد مرت قبل وصولهم بأيام، إلا أن هذه الغزوة كانت بداية لأحداث لاحقة، حيث أصبحت القافلة نفسها، عند عودتها، سببًا لغزوة بدر الكبرى.

في هذه الغزوة، استخلف النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد. كما شهدت الغزوة حدثًا طريفًا؛ حيث كُنِّيَ علي بن أبي طالب بـ"أبي تراب"، وذلك عندما وجده النبي نائمًا وعلق به التراب، فأيقظه برفق وقال له: «قم أبا تراب»، فصارت كنية محببة إليه.

---

نتائج الغزوة والدروس المستفادة

على الرغم من عدم وقوع قتال مباشر، حققت غزوة ذي العشيرة نتائج استراتيجية مهمة:

  • كسب الحلفاء: لم يكتفِ النبي صلى الله عليه وسلم باعتراض القوافل، بل قام بحنكة سياسية بعقد معاهدة مع قبيلة بني مدلج وحلفائهم من بني ضمرة بعدم الاعتداء، مما أظهر قدرته على كسب الحلفاء في طريقه إلى مكة، وتأمين الطرق التجارية.
  • إظهار قوة المسلمين: كانت هذه الغزوات والسرايا تكتسب منعة لدعوة الإسلام، وتثير حقد وخوف المشركين؛ لأنها كانت تهدد أقواتهم ومركزهم التجاري.

إن غزوة ذي العشيرة تُبرز حنكة النبي صلى الله عليه وسلم كقائد عظيم، لا يقتصر دوره على الجانب العسكري فقط، بل يمتد إلى الجانب السياسي لكسب التأييد، وإضعاف العدو دون إراقة دماء، وذلك لتمكين الدولة الإسلامية الناشئة في وجه التحديات.

إرسال تعليق

0 تعليقات
* يرجى عدم إرسال رسائل غير مرغوب فيها هنا.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !