غزوة بني قينقاع: إرساء الأمن في المدينة
وقعت غزوة بني قينقاع في شوال من العام الثاني للهجرة (624 م)، وكانت أول مواجهة مسلحة بين المسلمين واليهود في المدينة المنورة. جاءت هذه الغزوة لترسي دعائم الأمن والاستقرار في الدولة الإسلامية الناشئة، وتضع حدًا لغدر وخيانة يهود بني قينقاع الذين نقضوا عهدهم مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
---أسباب الغزوة
كانت هناك عدة أسباب دفعت إلى وقوع هذه الغزوة، أبرزها:
- نقض العهد: بعد انتصار المسلمين في غزوة بدر، أظهر يهود بني قينقاع حقدهم وحسدهم، وبدأوا في نقض العهد الذي كان بينهم وبين المسلمين، وأعلنوا عداوتهم صراحةً.
- الاعتداء على مسلمة: كان الموقف الذي أشعل فتيل الغزوة هو اعتداء أحد اليهود على امرأة مسلمة في سوق بني قينقاع، حيث كشف عورتها. وعندما دافع عنها رجل مسلم وقتل اليهودي المعتدي، قام اليهود بقتل المسلم انتقامًا.
- السخرية من الإسلام: لم يكتفِ يهود بني قينقاع بالعداء، بل كانوا يسخرون من المسلمين ودينهم، ويحاولون بكل الوسائل النيل من الإسلام والمسلمين.
أحداث الغزوة
بعد هذه الأحداث، وتحديدًا في يوم 15 شوال من العام الثاني للهجرة، حاصر النبي محمد صلى الله عليه وسلم حصون بني قينقاع. وقد أعطى النبي لواء الجيش للصحابي الجليل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه. استمر الحصار لمدة خمسة عشر يومًا، حيث قذف الله الرعب في قلوب اليهود، الذين لم يملكوا خيارًا سوى الاستسلام.
نتيجة لذلك، ألقى يهود بني قينقاع أسلحتهم، واستسلموا لحكم النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أمر بإخراجهم من المدينة المنورة، وتركهم يرحلون، ليخلص المدينة من خيانتهم وغدرهم.
---نتائج الغزوة
كان لغزوة بني قينقاع نتائج هامة أثرت في مسيرة الدولة الإسلامية، ومن أهمها:
- ترسيخ سلطة المسلمين: فرضت الغزوة سيطرة المسلمين داخل المدينة المنورة، وأظهرت أن المسلمين قادرون على حماية أنفسهم والدفاع عن دولتهم.
- إبراز مكانة المرأة المسلمة: أثبتت الغزوة أن كرامة المرأة المسلمة وحمايتها واجب ديني واجتماعي، وأن المسلمين لا يتهاونون في الدفاع عنها.
- تعزيز الإيمان: عززت الغزوة من إيمان المهاجرين والأنصار وثباتهم على دينهم وعهد بيعتهم، وأظهرت مدى تماسكهم وقوتهم في وجه التحديات.