عاقبة الكذب على النبي ﷺ: آية من آيات الله
يُعد الكذب والافتراء على النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أعظم الذنوب والكبائر، وقد توعد الله من يرتكبها بعذاب عاجل في الدنيا، أو عذاب مؤجل في الآخرة. والله عز وجل تكفل بحماية نبيه والانتقام ممن يستهزئ به، كما قال تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ} (الحجر:95). ومن أبرز الأمثلة على هذا الوعيد الإلهي ما حدث لرجل كذب وافترى على النبي صلى الله عليه وسلم في حياته.
قصة الكاتب المرتد
يروي أنس بن مالك رضي الله عنه قصة رجل نصراني أسلم، وكان يكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم. قرأ سورتي البقرة وآل عمران، ثم ارتد وعاد إلى النصرانية. وكان يقول للناس: "ما يدري محمد إلا ما كتبتُ له"، زاعمًا أنه مصدر القرآن. لم يمهله الله طويلاً، فمات هذا الرجل، فدفنه قومه. وفي الصباح، وجدوا أن الأرض قد لفظته وألقته خارج القبر. حاولوا دفنه مرة ثانية وثالثة، وأعمقوا الحفرة قدر استطاعتهم، لكن في كل مرة، كانت الأرض تلفظه. حينها، علموا أن ما حدث ليس من فعل البشر، بل هو عقوبة إلهية بسبب كذبه وافترائه على النبي صلى الله عليه وسلم، فتركوه.
قال ابن تيمية معلقًا على هذه القصة: "وهذا أمر خارج عن العادة، يدل كل أحد على أن هذه عقوبة لما قاله، وأنه كان كاذبًا... وأن الله منتقم لرسوله ممن طعن عليه وسبّه، ومظهر لدينه".
فوائد وعبر من القصة
- نصرة الله لنبيه: تُظهر هذه القصة كيف أن الله عز وجل يغار على نبيه، وينصره من كل من يؤذيه. فقد انتقم الله من هذا الرجل وعجل عقوبته، ليكون عبرة لمن يعتبر.
- عظمة الذنب: الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ليس كالكذب على أي أحد آخر، بل هو من أكبر الكبائر. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن كذِبَاً عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار". وهذا يدل على خطورة هذا الذنب، وأن الله تعالى لا يغفره إلا بالتوبة النصوح.
- معجزة للنبي ﷺ: كانت هذه الحادثة معجزة ظاهرة على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم. فقدرة الأرض على لفظ جسد هذا الرجل رغم كل المحاولات لدفنه، هي أمر خارق للعادة، ولا يمكن تفسيره إلا بأنه تدخل إلهي لتأكيد صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
إن عقوبة الكذب والافتراء على النبي صلى الله عليه وسلم أمر متحقق. فالله تعالى تكفل بحماية نبيه، وسينتقم من كل من يستهزئ به أو يكذب عليه، وهذا الوعد الإلهي ماضٍ إلى يوم القيامة.