نبوءة سورة الروم: انتصار الروم على الفرس
في أوائل البعثة النبوية بمكة، وقعت معركة بين أقوى قوتين في العالم آنذاك، فارس والروم. انتصر الفرس الذين كانوا يعبدون النار، ففرح المشركون في مكة، بينما حزن المسلمون لأنهم كانوا يتمنون انتصار الروم، وهم أهل كتاب. وفي هذا الوقت العصيب، نزلت آيات من سورة الروم تبشر المسلمين بانتصار الروم على الفرس بعد بضع سنين.
نص الآيات والرهان
قال الله تعالى في سورة الروم: {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ} (الروم: 3:1). و"بضع" في اللغة تعني عددًا يتراوح بين الثلاث والتسع سنوات. عندما نزلت هذه الآيات، خرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه يبشر بها أهل مكة، فراهنه أحد المشركين على وقوع ذلك خلال ست سنوات. وقد كان هذا الرهان قبل تحريم القمار في الإسلام.
مرت السنوات الست دون أن ينتصر الروم، ففرح المشركون وأخذوا رهانهم من أبي بكر. لكن في السنة السابعة، تحقق وعد الله، وانتصر الروم على الفرس. هذا الانتصار تزامن مع انتصار المسلمين في غزوة بدر، ففرح المؤمنون فرحًا عظيمًا، كما قال تعالى: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} (الروم:5).
دلالة النبوءة
تكمن أهمية هذه الآيات في كونها معجزة من معجزات القرآن الكريم، ودليلًا قاطعًا على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم. فقد أخبرت هذه الآيات عن حدث غيبي مستقبلي، ووقعت كما أخبرت تمامًا في الوقت الذي حددته. هذا لا يمكن أن يكون مجرد مصادفة أو تخمين، بل هو وحي من عند الله، العالم بكل شيء، الذي يخبر نبيه بأمور الغيب ليجعلها برهانًا على رسالته. وقد آمن كثير من الناس في ذلك الوقت بهذه النبوءة، حيث رأوا بأعينهم صدق ما جاء في القرآن الكريم.