نزول المطر بدعاء خيْر البَشر

0

سرعة استجابة الدعاء: معجزة النبي صلى الله عليه وسلم في نزول المطر

أيد الله سبحانه وتعالى أنبياءه بمعجزات عظيمة، وكانت معجزات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي الأكثر عددًا وتنوعًا، حتى قيل إنها تجاوزت الألف. ومن هذه المعجزات التي تدل على صدقه وعلو منزلته عند ربه، سرعة استجابة دعائه لنزول المطر.


1. دعاء الاستسقاء في المدينة المنورة

في عام 6 هـ، أصاب الناس قحط وجدب شديد، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فأمر بمنبر، وخرج إلى المصلى، فحمد الله ودعاه، فكانت الاستجابة فورية.

قالت عائشة رضي الله عنها: "فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت، ثم أمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول".


2. غزوة تبوك: المطر بعد العطش

في غزوة تبوك، أصاب الجيش الإسلامي عطش شديد في حرٍّ قائظ، حتى ظنوا أن رقابهم ستتقطع. فطلب أبو بكر الصديق من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم، فدعا النبي ورفع يديه.

يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "فرفع رسول الله يديه إلى السماء فلم يرجعهما حتى قالتِ السماءُ فأظلت ثم سكبتْ". أي أن المطر نزل فورًا ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم، وصدق الله وعده: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ} (النجم: 3).


3. الأعرابي ودعاء الاستسقاء:

في موقف شهير، دخل رجل أعرابي المسجد يوم جمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: "يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا".

فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: (اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا). قال أنس بن مالك: "ولا والله، ما نرى في السماء من سحاب، ولا قَزَعَةً". ولكن فجأة، بدأت السحب تتكون وتنتشر، ثم أمطرت بغزارة واستمر المطر أسبوعًا كاملاً.

وفي الجمعة التالية، دخل الأعرابي نفسه وشكى من كثرة المطر الذي تسبب في الضرر، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم حوالينا ولا علينا)، فانقشعت السحب من فوق المدينة وأصبح الجو صحوًا.


دلالات ومعجزات من الموقف:

هذه المواقف ليست مجرد قصص، بل هي دلائل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وتُظهر صدقه وقرب مكانته من ربه. فالاستجابة الإلهية السريعة لدعائه لا يمكن أن تكون لمن يدعي النبوة كذبًا، لأن الله يفضح الكاذب ويخزيه.

كما أن هذه القصة تحمل فوائد عظيمة، منها:

  • علم من أعلام النبوة: إجابة الدعاء المتصلة به، والتي حدثت أثناء الدعاء أو بعده مباشرة، تثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صادق في رسالته.
  • رحمة الله بعباده: فالله يغيثهم إذا استغاثوا به وصدقوا في اللجوء إليه.
  • فضل الدعاء وطلب القبول: القصة تؤكد جواز طلب الدعاء من أهل الخير والفضل، كما فعل الأعرابي مع النبي صلى الله عليه وسلم.
  • أدب النبي العظيم: عندما اشتكى الأعرابي من كثرة المطر، لم يدعُ النبي صلى الله عليه وسلم لرفعه تمامًا، بل دعا بأن يكون المطر "حوالينا ولا علينا"، وهذا من تمام أدبه وحرصه على الخير للجميع.

هذه المعجزات الحسية التي شهدها الصحابة بأعينهم، تجعل المسلم على يقين كامل بأن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول من عند الله، وأن كل ما جاء به هو حق.

إرسال تعليق

0 تعليقات
* يرجى عدم إرسال رسائل غير مرغوب فيها هنا.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !