تعظيم النبي ﷺ: حبٌ وإجلالٌ
يُعَد تعظيم النبي محمد صلى الله عليه وسلم وإجلاله وتوقيره من أهم واجبات الإيمان وحقوقه علينا كمسلمين. وقد أمرنا الله عز وجل بذلك صراحة في قوله: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} (الفتح: 9).
وقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم هذا الأمر وعملوا به، ففاق حبهم وتوقيرهم له كل حب وتعظيم.
أمثلة من تعظيم الصحابة للنبي ﷺ
لقد كانت سيرة الصحابة مليئة بالمواقف التي تظهر مدى حبهم وإجلالهم للنبي صلى الله عليه وسلم:
- • شهادة عروة بن مسعود الثقفي: قبل إسلامه، شهد عروة أمام قريش بأن أصحاب محمد يعظمونه بشكل لم يره عند أي ملك آخر. وذكر أنهم لا يتركون نخامة تسقط منه إلا يتلقفونها، ويبتدرون أمره، ويخفضون أصواتهم عنده إجلالًا له.
- • أدب أبي أيوب الأنصاري: عندما نزل النبي صلى الله عليه وسلم ضيفًا على أبي أيوب في المدينة، رفض أبو أيوب أن يسكن في الطابق العلوي بينما النبي في الطابق السفلي، وقال: "لا أعلو سقفًا أنت تحته"، تعظيمًا وإجلالًا له.
- • إجلال عمرو بن العاص: وصف عمرو بن العاص مدى إجلاله للنبي، فقال: "ما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالًا له، ولو سُئلت أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن أملأ عيني منه".
- • السكينة والوقار في مجلسه: كان الصحابة يجلسون حوله وكأن على رؤوسهم الطير من شدة السكون والوقار، ولا يرفعون أبصارهم إليه تعظيمًا له.
- • القرع بالأظافر: كانت أبواب النبي ﷺ تُقرع بالأظافر، تعبيرًا عن الأدب والمبالغة في الاحترام، حتى لا يزعجوا النبي بالقرع القوي.
- • تلقف شعره: عندما كان النبي ﷺ يحلق شعره، كان الصحابة يتلقفون شعره قبل أن يسقط على الأرض، ويحتفظون به تبركًا وتعظيمًا له.
النبي عبد الله ورسوله: لا غلو ولا تقصير
رغم علو منزلة النبي صلى الله عليه وسلم، ووجوب حبه وتعظيمه، إلا أننا لا نغالي فيه ونرفعه فوق منزلته التي رفعه الله إليها. فهو رسول الله وعبده، بشر لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعًا ولا ضرًا إلا بإذن الله.
وقد حذرنا النبي ﷺ نفسه من الغلو في شخصه، فقال: (لا تُطْروني كما أطْرَتِ النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبدُه، فقولوا: عبد الله ورسوله). رواه البخاري.
الفلاح في الدنيا والآخرة
إن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، واتباع سنته، وطاعته في كل ما أمر به، هو سبب الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة.
قال تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الأعراف: 157).
فالفلاح الحقيقي يكمن في إيماننا به، وتعظيمنا له، واتباعنا لما جاء به من الحق، فهل أنت ممن يتبعونه حق الاتباع؟