أنا دعوة أبي إبراهيم، وبُشْرَى عيسى

0

 

البشارات النبوية في الكتب السابقة

أخبرنا الله تعالى في القرآن الكريم أن الأنبياء السابقين قد بشّروا بقدوم خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم. وقد أخذ الله عليهم ميثاقًا بالإيمان به ونصرته إذا أدركوا زمانه.

قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ}.

كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن نفسه: "أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى"، مما يؤكد أن البشارات به كانت متجذرة في رسالات الأنبياء العظام.


دعوة إبراهيم عليه السلام

عندما كان إبراهيم عليه السلام يبني الكعبة، دعا الله بدعوة عظيمة، فقال: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ}.

وقد استجاب الله لدعوته، وبعث في العرب رسولًا منهم، كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}.


بشرى عيسى عليه السلام

كانت بشرى عيسى عليه السلام برسول يأتي من بعده صريحة باسمه "أحمد". فقد قال عيسى لبني إسرائيل: {إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (الصف: 6).

وقد ذكر الإمام الماوردي أن الأنبياء السابقين بشروا به إما باسمه، أو بصفاته، أو ببلده، أو بخصائص أمته، وقد تحققت كل هذه الصفات فيه.


صفاته في التوراة والإنجيل

لم تقتصر البشارات على التلميح، بل كانت واضحة ومفصلة. فقد وصف الله تعالى النبي ﷺ وصفًا دقيقًا في التوراة والإنجيل، فقال: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ}.

كما أشار القرآن إلى صفة أتباعه التي كانت مذكورة في كتبهم: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ}.

وقد أكد عبدالله بن عمرو بن العاص أن صفاته في التوراة كانت مطابقة لما جاء في القرآن، ووصفه بأنه "ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق".


أهل الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم

لقد كان أهل الكتاب من اليهود والنصارى يعرفون صفات النبي ﷺ كما يعرفون أبناءهم، ولكنهم كتموا الحق عن عمد، لأنهم كانوا يظنون أن النبي الخاتم سيخرج من بني إسرائيل. فلما خرج من العرب، حسدوه وكفروا به.

قال تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (البقرة: 146).

هذه البشارات دليل قاطع على صدق رسالته، وأن دعوته لم تكن أمرًا مفاجئًا، بل كانت امتدادًا وتتمة لرسالات الأنبياء السابقين، الذين مهدوا الطريق لظهور النبي الخاتم.

إرسال تعليق

0 تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !