عصمة النبي ﷺ: عقيدة ويقين
اصطفى الله عز وجل أنبياءه ورسله من البشر، وجمع لهم الفضل كله، وميزهم على خلقه بالنبوة والرسالة. وقد اتفقت الأمة على أنهم معصومون من الخطأ فيما يبلغونه عن الله، فلا يكذبون، ولا ينسون، ولا يغفلون.
العصمة لغة: هي المنع والحفظ والوقاية.
وفي الشرع: هي حفظ الله لأنبيائه من الوقوع في الذنوب والمعاصي وارتكاب المنكرات.
وقد أجمعت الأمة سلفًا وخلفًا على عصمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن حياته قبل البعثة وبعدها كانت أمثل حياة وأشرفها. لقد تميز بسمو الخلق، ورجاحة العقل، وعظمة النفس، ولقبه قومه بـ "الأمين" لما رأوا فيه من صدق وأمانة.
عصمة النبي ﷺ في تبليغ الوحي
الأنبياء والرسل جميعًا، وعلى رأسهم نبينا محمد ﷺ، معصومون في تبليغ رسالة الله، فلا يحدث منهم خطأ أو نسيان في هذا التبليغ. وهذا الأمر ثابت بالقرآن والسنة والإجماع.
قال الله تعالى لنبيه ﷺ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (المائدة: 67). هذه الآية دليل قاطع على أن الله تكفل بحماية نبيه وعصمته من الناس، ليقوم بواجبه في تبليغ الرسالة كاملة دون خوف أو تردد.
وقد أثبت الله عصمة نبيه فيما يبلغه عن ربه، وكمال عقله وحكمته، فقال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم: 3-4).
كمال العقل والحكمة
كان النبي ﷺ أعقل الناس وأكملهم على الإطلاق. وقد انعكس كمال عقله في تدبيره لشؤون أمته، وتعامله مع الناس، وسياسة العامة والخاصة.
- • رجاحة العقل: ظهرت رجاحة عقله في صحة رأيه، وصواب تدبيره، وحسن تألفه للقلوب.
- • فصاحة اللسان: كان أفصح الناس لسانًا، وأوضحهم بيانًا.
- • السياسة والتدبير: استطاع ﷺ أن يقود أمة كانت كالوحش الشارد، ويوحدها على كلمة واحدة، ويحتمل أذاهم وصبر على جفاهم، حتى قاتلوا دونه أهليهم.
كل ذلك تحقق دون تعلم مسبق أو قراءة للكتب، مما يدل على أن عقله وفهمه كانا فوق مستوى البشر.
وفي الختام، فإن عصمة النبي ﷺ هي عقيدة راسخة لا تنفصل عن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. والطعن في هذه العصمة يعد طعنًا في أساس الإيمان، لأنها من دلائل صدق رسالته وكمالها.
