رؤى النبي ﷺ: حق ودروس
تنقسم الرؤى في الإسلام إلى ثلاثة أنواع:
- رؤيا حق من الله: وهي جزء من النبوة، وهي الرؤيا الصادقة.
- أضغاث أحلام: وهي من تلاعب الشيطان ليُحزن الإنسان.
- حديث نفس: وهي ما يفكر فيه الإنسان في يقظته فيراه في منامه.
ورؤيا الأنبياء كلها وحي وحق، وهي جزء من النبوة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الرؤيا ثلاث: منها أهاويل من الشيطان ... ومنها ما يهتم به في يقظته ... ومنها جزءً من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) رواه ابن حبان.
رؤيا النبي ﷺ التي جمعت الفوائد والعبر
في رؤيا طويلة رواها سمرة بن جندب رضي الله عنه، رأى النبي صلى الله عليه وسلم عقوبات وعبرًا عظيمة، حيث أتاه ملكان وأخذاه في رحلة عجيبة. وقد رأى فيها:
- • الرجل الذي يُثلغ رأسه بالحجر: وهو الرجل الذي يرفض القرآن وينام عن الصلاة المكتوبة.
- • الرجل الذي يُشرشر شدقه وعينه ومنخره: وهو الرجل الذي يكذب كذبة تبلغ الآفاق.
- • الرجال والنساء العراة في التنور: وهم الزناة والزواني.
- • الرجل الذي يسبح في النهر ويلقم الحجارة: وهو آكل الربا.
- • الرجل الذي يوقد النار ويسعى حولها: وهو مالك خازن جهنم.
- • الرجل الطويل في الروضة: وهو إبراهيم عليه السلام، والولدان حوله هم كل من مات على الفطرة، حتى أولاد المشركين.
- • القوم الذين نصفهم قبيح ونصفهم حسن: وهم قوم خلطوا عملًا صالحًا بآخر سيئ، فتجاوز الله عنهم.
- • المدينة المبنية بلبن الذهب والفضة: وهي الجنة، ومنزل النبي صلى الله عليه وسلم فيها قصر مثل السحابة البيضاء.
فوائد هذه الرؤيا وعظاتها
هذه الرؤيا تحمل العديد من الفوائد الهامة كما ذكر أهل العلم، ومنها:
- • عقوبة بعض العصاة في البرزخ: الرؤيا تدل على أن بعض المعاصي يُعاقب عليها صاحبها في فترة ما بين الموت والبعث.
- • الحث على طلب العلم: الرؤيا تشجع على طلب العلم وتفسير الأمور الغيبية.
- • فضل الشهداء: تبين الرؤيا عظم منزلة الشهداء في الجنة.
- • التفاؤل والرحمة: تدل على أن الله يتجاوز عن من خلطوا عملًا صالحًا بآخر سيئ، مما يبعث الأمل في نفوس العباد.
- • ترابط العقوبة بالجناية: نلاحظ أن العقوبات المذكورة تناسب الذنوب المرتكبة، فالكذب يعاقب عليه الإنسان في وجهه، والزنا فضيحة.
الرؤيا الصالحة: مبشرات لا مصدر تشريع
رغم أن الرؤيا جزء من النبوة، إلا أن النبوة قد انقطعت بموت النبي صلى الله عليه وسلم. لذلك، فإن الرؤيا الصالحة للمسلم هي من المبشرات، ولا يمكن أن تكون مصدرًا للتشريع.
وقد حذر العلماء من الاعتماد على الرؤى في بناء الأحكام الشرعية أو العقائد الدينية. قال الإمام الشاطبي: "الرؤيا من غير الأنبياء لا يحكم بها شرعًا على حال إلا أن تُعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية، فإنْ سَوَغَتْها عُمِل بمقتضاها، وإلا وجب تركها والإعراض عنها. وإنما فائدتها البشارة أو النذارة خاصة، وأما استفادة الأحكام فلا".
فلا ينبغي أن نعتمد على ما نراه في المنام لنُبيح أو نحرم، فالعبادات والأحكام الشرعية مبنية على القرآن والسنة الصحيحة فقط.