خصائص النبي ﷺ الجسدية: آيات وعلامات
خصّ الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بخصائص كثيرة، وحباه بصفات عظيمة، فهو أعظم الناس خلقًا وأحسنهم خلقًا. وقد تجلت هذه الخصوصيات في العديد من الأمور التي اختص بها دون غيره من البشر، سواء في الدنيا أو الآخرة. ومن هذه الخصائص ما ظهر على جسده الشريف، كخاتم النبوة، ورؤيته وسماعه ما لا يراه ويسمعه غيره، وطيب عرقه.
خاتم النبوة: علامة ظاهرة
يعد خاتم النبوة علامة جسدية مميزة، عبارة عن بروز في كتفه الأيسر بحجم بيضة الحمامة. كانت هذه العلامة من دلائل نبوته المذكورة في الكتب السابقة، والتي كان أهلها يبحثون عنها للتأكد من صدق رسالته.
وقد وصف الصحابة هذا الخاتم بدقة، ففي حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه: "ورأيْتُ الخاتَمَ عِنْدَ كَتِفِهِ مِثْلَ بَيْضة الحمامة، يُشْبِهُ جَسَدَه" (مسلم). هذا الخاتم كان دليلاً ماديًا على صدق نبوته، كما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
أغَرُّ عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّةِ خَاتَمٌ
مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ
رؤية وسماع ما لا يرى غيره
من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرى ويسمع ما لا يراه ويسمعه عامة الناس، إعدادًا خاصًا له لتلقي الوحي والتعامل مع الغيبيات.
- • رؤية ما لا يرى: كان صلى الله عليه وسلم يرى من خلف ظهره كما يرى من أمامه. فقد قال لأصحابه: "إني والله لأبْصِر مِن ورائي كما أبصر مِن بين يدي" (مسلم). هذه الرؤية كانت بصرية حقيقية، لا مجرد إلهام، وهي دليل على فضله وكرامته عند الله. كما أنه رأى الجنة والنار عيانًا، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
- • سماع ما لا يسمع: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمع عذاب القبر الذي لا يسمعه البشر. قال لأصحابه: "لولا ألا تدافنوا لدعوتُ الله أن يسمعكم من عذاب القبر الّذي أسمع" (مسلم). كما أنه كان يسمع أطيط السماء، وهو صوت صرير العرش من ثقل الملائكة الساجدين، كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه: "إني أرَى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطّت السّماء وحُقّ لها أن تئط".
طيب عرقه الشريف
لم يكن عرق النبي صلى الله عليه وسلم كعرق سائر البشر، بل كان أطيب من أي رائحة. قال أنس بن مالك رضي الله عنه في وصفه: "كأن عرقه اللؤلؤ... ولا شممتُ مسكة ولا عنبرة أطيب رائحة من رسول الله صلى الله عليه وسلم" (مسلم).
وقد كانت أم سليم رضي الله عنها تجمع عَرَقه صلى الله عليه وسلم لِتجعله في طيبها، لما فيه من رائحة طيبة. وعندما سألها النبي عن سبب فعلها، قالت: "هذا عرقك نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب".
التسليم لخصائص النبوة
إن معرفة خصائص النبي صلى الله عليه وسلم هي جزء من الدين والعلم النافع. ويجب على المسلم التسليم لهذه الخصائص التي ثبتت بالنصوص الصحيحة، وعدم إخضاعها للعقل البشري، لأنها من علامات اصطفاء الله لرسوله. فالأنبياء بشرٌ، لكن الله تعالى فضلهم وخصهم بمعجزات ليست لغيرهم.
فالله تعالى يصطفي من البشر رسلاً، ويفضل بعضهم على بعض. وقد فضل نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم بخصائص جسدية ونفسية كثيرة، وهو ما يجب علينا تصديقه وتوقيره، كما قال الصديق أبو بكر رضي الله عنه وهو يقبّل النبي بعد وفاته: "طبت حيّاً وميتاً يا رسول الله".