تعظيم النبي ﷺ وتوقيره في أصحابه
تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره هو واجب وشعبة عظيمة من شعب الإيمان. وقد أمرنا الله تعالى بذلك في قوله: {لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} (الفتح: 9).
قال ابن كثير: "يعظموه، وتوقروه من التوقير وهو الاحترام والإجلال والإعظام". وأكد ابن تيمية أن التعزير هو نصرة النبي وتأييده، بينما التوقير هو إجلاله وتكريمه بما يصونه عن كل ما يخل بوقاره.
ومن مظاهر توقيرنا للنبي صلى الله عليه وسلم:
- • طاعته واتباع سنته.
- • عدم رفع الصوت فوق صوته.
- • عدم رد أحاديثه الصحيحة بحجة العقل أو الواقع.
- • توقيره في أصحابه رضوان الله عليهم.
الصحابة: خير الأمة بعد نبيها
الصحابة رضوان الله عليهم هم خير الأمة بعد نبيها، وقد أجمع المسلمون على أنهم صفوة الأتقياء. وقد شرفهم الله بصحبة خاتم الأنبياء، وأثنى عليهم في القرآن الكريم فقال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (الفتح:29)، وقال أيضًا: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ... رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (التوبة:100).
التحذير من سب الصحابة أو الانتقاص منهم
من الجفاء مع النبي صلى الله عليه وسلم، والمنافي لحبه وتوقيره، أن ينتقص المسلم من قدر أحد من أصحابه أو يسبه. وقد حذر العلماء من ذلك تحذيرًا شديدًا:
- • القاضي عياض: "ومن توقيره وبره صلى الله عليه وسلم توقير أصحابه، وبرهم، ومعرفة حقهم... والإمساك عما شجر بينهم، ومعاداة من عاداهم".
- • الإمام أحمد: "إذا رأيت رجلاً يذكر أحداً من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام".
- • أبو زرعة: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وإنما أدّى إلينا هذا القرآن والسنة أصحاب رسول الله، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا، ليبطلوا الكتاب والسنة".
- • ابن تيمية: "الطعن فيهم طعن في الدين".
- • ابن عثيمين: "إنَّ سبَّ الصحابة ليس جرحًا في الصحابة رضي الله عنهم فقط، بل هو قدْح في الصحابة وفي النبي صلى الله عليه وسلم وفي شريعة الله، وفي ذات الله عز وجل".
مكانة الصحابة عند أهل السنة والجماعة
مذهب أهل السنة والجماعة في الصحابة وسط بين الإفراط والتفريط. فهم لا يغالون في رفعهم إلى مالا يليق إلا بالله ورسله، ولا يفرطون في حقهم بانتقاصهم أو سبهم.
قال النووي: "ومذهب أهل السنة والحق إحسان الظن بهم، والإمساك عما شجر بينهم، وتأويل قتالهم، وأنهم مجتهدون متأولون، لم يقصدوا معصية ولا محض الدنيا".
لقد اختارهم الله وشرفهم بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم. وحبهم والدفاع عنهم هو دين يتقرب به المسلم إلى الله تعالى، وهو من مظاهر حبنا وتوقيرنا لنبينا صلى الله عليه وسلم.
قال صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) رواه البخاري. ولهذا قال السلف الصالح: "علموا أولادكم حب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم".