أنتم شهداء الله في الأرض

0

 

خصائص وفضائل أمة النبي محمد ﷺ

لقد فضّل الله عز وجل أمتنا الإسلامية على سائر الأمم، واختصها بخصائص وفضائل كثيرة في الدنيا والآخرة، وذلك إكرامًا وتشريفًا لنبيها محمد صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} (البقرة: 253)، وقال الزمخشري: "والظاهر أنه أراد محمدًا صلى الله عليه وسلم لأنه هو المُفَّضَّل عليهم".

كما قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران:110). وفي تفسير هذه الآية، قال ابن كثير: "وإنما حازت هذه الأمة قصب السبق إلى الخيرات بنبيها محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه أشرف خلق الله وأكرم الرسل على الله".

إنما نالت الأمة الإسلامية هذا التشريف والتكريم بما استودعه الله فيها من صفات الخيرية التي نصت عليها الآية الكريمة، وهي أنها أنفع الناس للناس بما تقوم به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبما استقر في نفوسها من إيمان بالله عز وجل واتباع للنبي صلى الله عليه وسلم.


أنتم شهداء الله في الأرض

من الخصائص العظيمة التي فضل الله بها أمة الإسلام أنها تشهد على جميع الأمم يوم القيامة، وتُقبل شهادتها عند الله عز وجل. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(يُدعى نوح يوم القيامة، فيقول: لبيك وسعديك يا رب، فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيقال لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فيشهدون أنه قد بلغ). (رواه البخاري)

هذه الشهادة لا تقتصر على قوم نوح عليه السلام فقط، بل تشمل الأمم كلها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:

(يجيء النبي ومعه الرجلان، ويجيء النبي ومعه الثلاثة، وأكثر من ذلك وأقل، فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم، فيُدعى قومه، فيقال: هل بلغكم؟ فيقولون: لا، فيقال: من شهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فتُدعى أمة محمد فيقال: هل بلغ هذا؟ فيقولون: نعم، فيقول: وما علمكم بذلك؟ فيقولون: أخبرنا نبينا بذلك أن الرسل قد بلغوا، فصدقناه). (رواه ابن ماجه وصححه الألباني)

شهادة أمة النبي على أبنائها

قبول شهادة أمتنا لا يقتصر على شهادتها على بقية الأمم، بل يمتد ليشمل شهادتها على من يموت من أبنائها في الدنيا. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

(مُرَّ بجنازة فأُثْنِيَ عليها خيرا، فقال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت وجبت، ومُرَّ بجنازة فأثني عليها شرّاً، فقال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت وجبت... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنّة، ومن أثنيتم عليه شرّاً وجبت له النّار، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض). (رواه البخاري)

وفي شرح هذا الحديث، قال الإمام النووي: "إن كل مسلم مات فألهم الله تعالى الناس أو معظمهم الثناء عليه كان ذلك دليلًا على أنه من أهل الجنة". وقال ابن عثيمين: "وفي هذا دليل على أن المسلمين إذا أثنوا على الميت خيرًا دلَّ ذلك على أنه من أهل الجنة فوجبت له الجنة، وإذا أثنوا عليه شرًا دل ذلك على أنه من أهل النار فوجبت له النار".


خاتمة

أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ودينها وسط بين الأمم والأديان السابقة، فلم تغالِ كغلو النصارى، ولم تقصّر كتقصير اليهود. هي خير الأمم وأفضلها، وقد جعلها الله شاهدة على الأمم يوم القيامة.

فعلينا أن نستشعر ونعتز بهذه الخيرية، وأن نكون أهلًا لها، وأن نتحقق بما استودعه الله فيها من صفات الخيرية من إيمان بالله عز وجل، واتباع للنبي صلى الله عليه وسلم، وأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

إرسال تعليق

0 تعليقات
* يرجى عدم إرسال رسائل غير مرغوب فيها هنا.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !