بركة النبي صلى الله عليه وسلم وآثاره
بركة النبي صلى الله عليه وسلم ثابتة بأدلة صحيحة كثيرة، اتفق عليها المسلمون سلفًا وخلفًا. لقد رأى الصحابة رضي الله عنهم هذه البركة بأعينهم، فكانوا يتسابقون للحصول على ماء وضوئه، ويأخذون من ريقه وعرقه، ويمسحون أبدانهم بيده، ويحرصون على ملامسته تبركًا به وبآثاره. كل ذلك كان بمرأى منه وإقرار صلوات الله وسلامه عليه.
التبرك هو طلب حصول البركة والخير بمقاربة الشيء وملامسته. وقد جعل الله تعالى في جسد النبي صلى الله عليه وسلم وآثاره من الخير والبركة ما دلت عليه النصوص الشرعية، وشاهده الصحابة ولمسوه.
من بركة فضل وضوئه صلى الله عليه وسلم
السيرة النبوية مليئة بالمواقف والأمثلة الدالة على بركة فضل وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى تبرك الصحابة رضوان الله عليهم به. ومن هذه المواقف:
- • عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قوله عن يوم الحديبية: (..فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامةً إلا وقعت في كفّ رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا توضّأ كادوا يقتتلون على وضوئه). (رواه البخاري)
- • عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: (خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة، فأُتِيَ بوضوء فتوضأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به). (رواه البخاري)
- • عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ وصبَّ عليَّ من وضوئه فعقلت). (رواه البخاري)
فائدة هامة: التبرك خاص بالنبي لا بغيره
لقد ثبتت بركة النبي صلى الله عليه وسلم بفضل وضوئه بأدلة صحيحة، وقد رأى الصحابة هذه البركة بأعينهم فكانوا يتنافسون على فضل وضوئه.
ولكن لا يقال: إن هذا دليل على جواز التبرك بالصالحين وآثارهم. هذا ليس بصحيح، لأن هذا الأمر خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وغيره لا يقاس عليه. والدليل على ذلك أن الصحابة الكرام الذين كانوا يتبركون بفضل وضوئه، لم يفعلوا هذا مع أي شخص آخر بعده.
-
• قال الشاطبي في الاعتصام: "الصحابة رضي الله عنهم ـ بعد موته عليه الصلاة والسلام ـ لم يقع من أحد منهم شيء من ذلك بالنسبة إلى من خلفه، إذ لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم بعده في الأمة أفضل من أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ثم كذلك عمر، ثم عثمان، ثم علي، ثم سائر الصحابة... ثم لم يثبت لواحد منهم من طريق صحيح معروف أن متبركًا تبرك به على أحد تلك الوجوه أو نحوها..."
-
• وقال الشيخ ابن باز: "التبرك بآثار الصالحين غير جائز، وإنما يجوز ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، لما جعل الله في جسده وما ماسَّه من البركة، وأما غيره فلا يقاس عليه لوجهين: أحدهما: أن الصحابة رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك مع غير النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه. الوجه الثاني: سد ذريعة الشرك، لأن جواز التبرك بآثار الصالحين يُفضي إلى الغلو فيهم..."
خاتمة
المواقف النبوية والأحاديث الصحيحة تدل على فضل وبركة ماء وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يتبركون به، مع علمهم أن الواهب والمعطي لهذه البركة هو الله رب السماوات والأرض.
التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم وآثاره ومنها وضوئه أمر خاص به فقط. ولذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم يتسابقون للحصول على فضل وضوئه كما قال عروة رضي الله عنه: (وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه). (رواه البخاري)