وفور عقله وحكمته صلى الله عليه وسلم

0

 

رجاحة عقل النبي وحكمته: دليل على عظم رسالته

لقد اصطفى الله سبحانه وتعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم، وفضّله على جميع خلقه. من أبرز هذه الفضائل التي حباه بها هي رجاحة عقله وكمال حكمته، التي لم تتوافر في إنسان كما توافرت فيه. هذا الكمال العقلي لم يكن وليد النبوة فحسب، بل كان ظاهرًا في حياته كلها، قبل البعثة وبعدها.


كمال العقل قبل البعثة

منذ صغره، عُرف النبي صلى الله عليه وسلم بذكائه وفطنته. لم يكن كأقرانه، بل كانت تصرفاته تدل على عقلية ناضجة وفطرة سليمة.

  • حلف الفضول: رغم صغر سنه، شهد النبي صلى الله عليه وسلم "حلف الفضول"، وهو حلف تعاهدت فيه قبائل قريش على نصرة المظلوم. وقد أثنى عليه لاحقًا وقال: (لقد شهدتُ في دار ابن جُدْعان حِلْفاً لو أني أُدعى به في الإسلام لأجبتُ)، وهذا يدل على إدراكه لقيمة هذا الحلف في إرساء العدل.
  • نفرته من عادات الجاهلية: لم يشارك النبي في عادات قومه المنحرفة. لم يسجد لصنم قط، ولم يشرب الخمر، بل كان يأنف من كل ما يخالف العقل والفطرة السليمة.
  • قصة الحجر الأسود: من أشهر الأمثلة على حكمته قبل البعثة هي قصته مع قبائل قريش عندما اختلفوا على من يضع الحجر الأسود في مكانه بعد تجديد بناء الكعبة. كاد النزاع أن يتحول إلى حرب، لكنهم ارتضوا أول من يدخل عليهم حكمًا، فإذا هو محمد صلى الله عليه وسلم. بحكمته، أمرهم بوضع الحجر في قطعة قماش، ثم جعل كل قبيلة تمسك بطرف منها ليرفعوه جميعًا، ثم أخذه ووضعه في مكانه. وبذلك، حقن الدماء وأرضى الجميع.

كمال العقل بعد البعثة

بعد النبوة، اتسعت حكمته لتشمل تدبير أمور الأمة بأكملها، فكان قائداً وزعيماً ومربيًا. تجلت هذه الحكمة في:

  • قيادة الأمة: استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يوحّد قبائل العرب المتناحرة، ويحولهم إلى أمة واحدة، متكاتفة، قوية.
  • علاقاته: كانت حكمته تظهر في تعامله مع أصحابه وأهله، ومع الأعداء. كان يوازن بين المصلحة العامة والخاصة، ويُدير الأزمات بحنكة لم يُعرف مثلها.
  • التشريع: ما جاء به من تشريعات وأحكام، وما قرّره من سنن، لم يكن نابعًا من عقل بشري عادي، بل كان بوحي من الله، وهذا يبرهن على أن عقل النبي صلى الله عليه وسلم وفهمه كانا مهيأين تمامًا لاستقبال هذا الوحي العظيم.

قال القاضي عياض: "من تأمل تدبيره صلى الله عليه وسلم أمر بواطن الخلق وظواهرهم... لم يمتر في رجحان عقله".

إرسال تعليق

0 تعليقات
* يرجى عدم إرسال رسائل غير مرغوب فيها هنا.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !