النبي صلى الله عليه وسلم: أَمَنَةٌ لأمته والعالمين
لقد اختص الله تعالى نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم بفضائل وخصائص عظيمة، تشريفًا وتكريمًا له، مما يدل على علو قدره ومنزلته. قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} (البقرة: 253)، والمقصود بهذه الآية هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
من بين خصائصه الكثيرة، أنه كان أَمَنَة وأمانًا لأمته والعالمين من العذاب، وهو ما لم يكن للأمم السابقة. فقد عُذّبت أقوام الأنبياء السابقين في حياتهم، أما أمّة محمد فلم يأتِها عذاب عام يُهلكها في حضرته.
حياته أمانة لأمته من العذاب
- الأمنة من الفتن:
وجود النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه كان أمانًا لهم من الفتن والحروب واختلاف القلوب. وقد وضح ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه بقوله: (النجوم أَمَنَةٌ للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماءَ ما توعد، وأنا أمَنَةٌ لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنةٌ لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون) رواه مسلم.
وفسّر النووي هذا الحديث بقوله: "إذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون" أي من الفتن والحروب وارتداد من ارتد، وهذا ما وقع بعد وفاته صلى الله عليه وسلم. كما أن وجود الصحابة بعده كان أمانًا للأمة من ظهور البدع والحوادث. - الأمنة من العذاب العام:
في مشهد من مشاهد الكفار، عندما طلب أبو جهل عذابًا من السماء، نزلت الآية الكريمة: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (الأنفال: 33).
توضح هذه الآية أن الله تعالى امتنع عن تعذيب كفار قريش في مكة بسببه، فوجوده بينهم كان أمانًا لهم من الهلاك. وهذا تشريف عظيم لم يحظَ به أي نبي من قبله.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان فيهم أمانان: "النبي صلى الله عليه وسلم، والاستغفار، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وبقي الاستغفار".
فقدان النبي صلى الله عليه وسلم أعظم المصائب
كان موت النبي صلى الله عليه وسلم أعظم مصيبة أصابت المسلمين، لأنه كان رحمة للعالمين، ونورًا وهداية للأمة. قال أنس رضي الله عنه:
"ما رأيتُ يومًا قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم". رواه أحمد.
ففقدانه كان ذهابًا لكل خير وطمأنينة.
خاتمة
إن معرفة هذه الخصائص والفضائل التي اختص الله بها نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، تزيدنا به إيمانًا وحبًا وتوقيرًا وطاعة واتباعًا. وقد قال محمد بن الحسين: "قبيح بالمسلمين أن يجهلوا معرفة فضائل نبيهم صلى الله عليه وسلم، وما خصَّه الله عز وجل به من الكرامات والشرف في الدنيا والآخرة".
فلنحرص على دراسة سيرته ومعرفة فضائله، حتى لا نكون من الجاهلين بقدره.