الطب النبوي: بين الوقاية والعلاج
الصحة هي إحدى أعظم نعم الله على الإنسان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) رواه البخاري. وقد احتوت السنة النبوية على كنوز من الإرشادات الصحية التي تُعد أساسًا للطب النبوي.
الطب النبوي هو كل ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يتعلق بالوقاية والعلاج. وينقسم إلى قسمين رئيسيين:
1. الطب النبوي الوقائي
تناولت السنة النبوية أسس الوقاية من الأمراض قبل وقوعها، وهو ما يُعرف اليوم بـ "الحجر الصحي".
- الأحاديث والنصوص:
- عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا منها فرارًا منه) رواه البخاري.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا توردوا الممرض على المصح) رواه البخاري.
- فهم الأحاديث:
قد يظهر تعارض بين هذه الأحاديث وبين حديث (لا عدوى ولا طيرة)، لكن العلماء جمعوا بينها. قال الإمام النووي: إن الأمراض لا تعدي بطبعها، لكن جعل الله مخالطتها سببًا للعدوى، فنفى النبي اعتقاد الجاهلية في العدوى بطبعها، وأرشد في الحديث الآخر إلى الأخذ بالأسباب الشرعية.
الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله، بل هو جزء منه.
2. الطب النبوي العلاجي
يتناول هذا القسم وسائل الاستشفاء والعلاج من الأمراض التي وقعت بالفعل، وتشمل:
العلاج بالرقى الشرعية والدعاء
- فاتحة الكتاب: هي الشافية من الأمراض. ففي قصة الرجل الذي لدغه العقرب، قام أحد الصحابة بقرائتها عليه، فقام كأنما نشط من عقال. فأقر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وقال: (وما يدريك أنها رقية؟) رواه البخاري.
- أدعية الشفاء:
- دعاء (أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك) سبع مرات.
- دعاء (أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر) سبع مرات.
- دعاء (أذهب الباس، رب الناس، اشف وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً).
- دعاء (باسم الله أرقيك من كل شىء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك).
الدعاء من أنفع الأدوية، خاصة مع اليقين والإلحاح واغتنام الأوقات الشريفة كالسجود ووقت السحر.
من أدوية العلاج النبوي
- العسل: قال تعالى: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} (النحل:69). وفي قصة الرجل الذي استطلق بطنه، أمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يسقي أخاه عسلًا، فبرئ.
- ماء زمزم: هو طعام وشراب وشفاء. قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (إنها مباركة، إنها طعام طعم)، وفي رواية: (وشفاء سقم).
- الحجامة: وهي تشريط موضع الألم لإخراج الدم الفاسد. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أفضل ما تداويتم به الحجامة) رواه مسلم.
- الحبة السوداء: وتسمى حبة البركة. قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء، إلا من السام). رواه البخاري.
خاتمة
يقول ابن القيم: "وليس طِبُّه صلى الله عليه وسلم كطِبِّ الأطباء، فإن طبَّ النبي صلى الله عليه وسلم متيقَّنٌ قطعي إلهيٌ، صادرٌ عن الوحي... وطبُّ غيرِه أكثرُه حَدْسٌ وظنون".
إن الطب النبوي شامل للوقاية والعلاج، وهو متيقن لا شك فيه. فلنحرص على صحتنا الروحية والبدنية بتطبيق هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فهديه أكمل الهدي.