قتل سابه وشاتمه ومنتقصه ومؤذيه صلى الله عليه وسلم

0

 



خصوصية حرمة سب النبي صلى الله عليه وسلم

جعل الله لنبيه صلى الله عليه وسلم مكانة عظيمة بين العباد، ومنزلة رفيعة في شريعة الإسلام، ولا يخالف في ذلك أحد - فضلاً عن أن ينكره - إلا جاحد أو مبغض، فتعظيمه صلى الله عليه وسلم وتوقيره جزء من عقيدة الإسلام، وركن من أركانه العظام؛ فهو رسول الله إلى الناس أجمعين، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين.

ونظرًا لهذه المهمة وتلك المكانة اختصه الله عز وجل بأحكام لم تكن لغيره من البشر؛ كحرمة سبه وشتمه، وحرمة الانتقاص من قدره ومكانته، وحرمة إيذائه بالقول أو الفعل، أو ما شابهه مما ينافي منزلته التي أنزله الله بها، ويعارض مكانته التي أقامها الله عليها.

إجماع العلماء على حرمة سب النبي صلى الله عليه وسلم

أجمع أهل العلم كافة على حرمة سبه صلى الله عليه وسلم، أو وصفه بصفة لا تليق به، عليه الصلاة والسلام، من إلحاق عيب أو نقص به، في نفسه، أو نسبه، أو دينه، أو خصلة من خصاله، أو ازدرائه، أو التعريض به، أو لعنه، أو عيبه، أو قذفه، أو الاستخفاف به. واتفقوا كذلك على ردة فاعل ذلك، ووجوب قتله.

واختلفوا في قبول توبته، فحين يرى البعض قبولها إن ظهر صلاحه وحسنت توبته، يرى الآخرون عدم قبول توبة من أقدم على ذلك الفعل الشنيع، سواء أكانت توبته قبل القدرة عليه أم بعدها. لأنه كما ذكر ابن القيم: "بفعله ذلك قد حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا، ووقع في الزندقة، ولو قُبلت توبته لكان تسليطًا له على بقاء نفسه بالزندقة والإلحاد، وكلما قُدر عليه أظهر الإسلام، وعاد إلى ما كان عليه...".

أمثلة من سيرة النبي والصحابة على ذلك

  • ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قضى بإهدار دم أم ولد الأعمى لما قتلها مولاها بسبب سبها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

  • وقتل كذلك جماعة من اليهود على سبه وأذاه، وأمّن الناس يوم الفتح إلا نفرًا ممن كان يؤذيه ويهجره، وهم أربعة رجال وامرأتان.

  • وأنه قال: "من لكعب بن الأشرف، فإنه قد آذى الله ورسوله"، وأهدر دمه ودم أبي رافع.

  • ومما يدل على خصوصية هذا الحكم بالنبي صلى الله عليه وسلم ما قاله أبو بكر الصديق رضي الله عنه لأبي برزة الأسلمي، وقد أراد قتل من سبه: "ليس هذا لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم".

  • وجاء في "زاد المعاد" عن مجاهد أنه قال: "أُتي عمر رضي الله عنه برجل سب النبي صلى الله عليه وسلم فقتله، ثم قال عمر رضي الله عنه: من سب الله ورسوله، أو سب أحداً من الأنبياء فاقتلوه".

  • وروى الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه مر به راهب، فقيل له: "هذا يسب النبي صلى الله عليه وسلم"، فقال ابن عمر رضي الله عنه: "لو سمعته لقتلته، إنا لم نعطهم الذمة على أن يسبوا نبينا".

حالات عفو النبي وخصوصيتها

أما تركه صلى الله عليه وسلم قتل من قدح في عدله بقوله: "اعدل فإنك لم تعدل"، فتعليل ذلك أن يقال:

  1. الحق له: الحق كان له صلى الله عليه وسلم، فله أن يستوفيه، أو يتركه، وليس لأحد ترك استيفاء حقه صلى الله عليه وسلم.

  2. للمصلحة: إنه كان يعفو عن حقه لمصلحة تأليف القلوب وجمع الكلمة، لئلا ينفر الناس عنه، ولئلا يتحدثوا أنه صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه، وكل هذا يختص بحياته صلى الله عليه وسلم.

وفي الختام نقول أن السبَّ والشتم والإيذاء من الأخلاق المذمومة، التي لا تليق بأصحاب الفطر السليمة، ولا مسوغ لها بين الأشراف الكرام في تعاملهم، فكيف بها مع رسل الله عليهم السلام، بل كيف بها مع أفضلهم وخاتمهم، فالوقوع في مثل ذلك دليل على الخلل في الدين والانحراف في الفطرة، والله المستعان.

إرسال تعليق

0 تعليقات
* يرجى عدم إرسال رسائل غير مرغوب فيها هنا.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !