خديجة بنت خويلد: أم المؤمنين وأول من آمن بالنبي ﷺ
نسبها ولقبها
هي خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية، وأمها فاطمة بنت زائدة العامرية. كنيتها أم القاسم، وكانت تُلقَّب في الجاهلية بـ "الطاهرة" لعفتها وشرفها. تُعد خديجة أولى زوجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأم أولاده، وأول من آمن به وصدّقه من النساء على الإطلاق.
نشأتها وثراؤها
ولدت السيدة خديجة في مكة المكرمة قبل الهجرة بثمانٍ وستين سنة، وكانت تكبر النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر عاماً. نشأت في بيت شرف وجاه، وكانت من أكابر قريش وأغناها. اشتهرت بذكائها وفطنتها في التجارة، فكانت ترسل رجالاً بأموالها إلى بلاد الشام، وتختارهم بعناية فائقة بناءً على خبرتهم وأمانتهم.
قصة زواجها من النبي ﷺ
سمعت السيدة خديجة عن صدق محمد صلى الله عليه وسلم، وحسن خلقه، وأمانته، فعرضت عليه أن يخرج في تجارتها إلى الشام، ووعدته أن تعطيه ضعف ما تعطيه لغيره من التجار.
وافق النبي صلى الله عليه وسلم وخرج مع غلام خديجة، ميسرة. في طريقهم، استظلا تحت شجرة بالقرب من صومعة راهب، فتعجب الراهب وقال لميسرة: "ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي". عادت القافلة بربح وفير، وقص ميسرة على خديجة ما رآه من كرامات النبي وأخلاقه، وما قاله الراهب.
بعد سماع ذلك، شعرت خديجة بالرغبة في الزواج من النبي، فأرسلت إليه وعرضت عليه نفسها قائلة: "إني قد رغبت فيك لقرابتك مني، وشرفك في قومك، وأمانتك عندهم، وحسن خلقك، وصدق حديثك". قبل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وتزوجها وعمره 25 عامًا، بينما كان عمرها 40 عامًا.
أبناؤها من النبي ﷺ
أنجبت السيدة خديجة جميع أبناء النبي صلى الله عليه وسلم، باستثناء إبراهيم. وهم:
- الذكور: القاسم وعبد الله.
- الإناث: زينب، رقية، أم كلثوم، وفاطمة الزهراء.
فضائلها ومناقبها
كانت السيدة خديجة رضي الله عنها تتمتع بفضائل عظيمة، منها:
- أول من آمن بالنبي: كانت أول من أسلم من النساء، ووقفت معه في أحلك الظروف.
- عصمة للنبي: لما نزل عليه الوحي أول مرة، لجأ إليها خائفاً، فقالت له: "كلا، أبشر، فوالله لا يُخزيك الله أبداً".
- حب النبي لها: أحبها النبي حباً عظيماً، ولم يتزوج عليها أحداً في حياتها، وكان يكثر من ذكرها بعد وفاتها.
- بشارة بالجنة: بشّرها الله ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
وفاتها
توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها في السنة العاشرة من البعثة، عن عمر يناهز 65 عاماً، ودُفنت في مقبرة الحجون بمكة. دفنها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، ولم تكن صلاة الجنازة قد شُرعت بعد.
جاءت وفاتها بعد وفاة عم النبي، أبي طالب، بفترة قصيرة، مما جعل هذا العام يُسمى "عام الحزن"، لتتابع الأحزان على قلب النبي بفقدان من كان يسنده ويحميه.