أهل الكتاب: شهادات من التوراة والإنجيل
كانت الكتب السماوية السابقة مليئة بالبشارات بقدوم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أمر الأنبياء أتباعهم بالإيمان به. ولولا التحريف الذي طال التوراة والإنجيل، وما أصاب بعض علمائهم من كبر وحسد، لكانت هذه النصوص واضحة للعيان. يقول الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ} (الأعراف:157).
الجحود والكبر
كان اليهود في المدينة المنورة يتفاخرون على العرب بقرب ظهور النبي الموعود، وأنهم سينتصرون به. لكن عندما جاء النبي صلى الله عليه وسلم، آمن به الأنصار لأنه كان النبي الذي تحدث عنه اليهود، بينما كفر به اليهود أنفسهم. يقول قتادة رضي الله عنه: "فلما بعث الله رسول الله صلى الله عليه وسلم أجبناه حين دعانا إلى الله وعرفنا ما كانوا يتواعدوننا به فبادرناهم إليه فآمنا به وكفروا به".
وفي موقف آخر، دخل النبي صلى الله عليه وسلم على اليهود في كنيستهم، وطلب منهم أن يشهد اثنا عشر منهم أنه رسول الله، فلم يجب منهم أحد. لكن رجلًا منهم شهد بصدقه، فكذبوه وتنقصوه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كذبتم، لن يقبل قولكم، أما آنفاً فتثنون عليه من الخير ما أثنيتم، وأما إذ آمن فكذبتموه وقلتم فيه ما قلتم، فلن يقبل قولكم".
شهادات من اليهود وآمنوا
على الرغم من جحود الكثيرين، آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم عدد من اليهود، لصدق ما وجدوه في كتبهم:
- عبد الله بن سلام: كان حبرًا من كبار علماء اليهود، واختبر النبي صلى الله عليه وسلم بأسئلة لا يجيب عنها إلا نبي. عندما أجابه النبي، أسلم فورًا. وعندما سأل النبي اليهود عن مكانته، أثنوا عليه، لكنهم انقلبوا عليه وتنقصوه عندما علموا بإسلامه.
- الغلام اليهودي: كان غلامًا يهوديًا يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مرض، عاده النبي. نظر الغلام إلى أبيه، فقال له الأب: "أطع أبا القاسم"، فأسلم الغلام. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "الحمد لله الذي أنقذه من النار".
- الفتى اليهودي: في قصة، مر النبي صلى الله عليه وسلم بفتى يهودي يحتضر. سأله النبي: "هل تجد في كتابك صفتي ومخرجي؟" فرفض أبوه أن يجيب، لكن الفتى قال قبل أن يموت: "والله إنا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك، وأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله".
هذه الشهادات والقصص تؤكد أن أهل الكتاب كانوا يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم حق المعرفة، لكن كثيرًا منهم آثروا الجحود والحسد على الحق، كما قال تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (البقرة:146).