كسرى وقيصر في السيرة النبوية

0

 


النبوءات المتحققة: قصة كسرى وقيصر

من أعظم دلائل نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إخباره عن أحداث مستقبلية وقعت كما أخبرنا تمامًا. فهذا علم غيبي لا يطلِع الله عليه إلا من ارتضى من رسله، كما قال تعالى: {عَالِمُ الغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (الجن:26-27).

في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، كانت هناك دولتان عظمى: الإمبراطورية الفارسية بقيادة كسرى، والإمبراطورية الرومانية بقيادة قيصر. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن نهايتهما، فتحققت نبوءته بالكامل.


زوال ملك كسرى وقيصر

روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا هلك كسرى فلا كِسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصرَ بعده، والذي نفس محمد بيده، لتُنفَقَنَّ كنوزُهما في سبيل الله) رواه البخاري.

لقد تحققت هذه النبوءة حرفيًا. فبعد أن مزق كسرى رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، دعا عليه النبي أن يُمَزَّق ملكه. وبالفعل، لم يقم لملك الفرس قائمة بعدها، وتوالى على عرشه ملوك ضعفاء حتى سقطت دولتهم تمامًا في عهد الخليفة عمر بن الخطاب. أما قيصر، فقد انهزم من الشام، ولم يمتد ملكه في تلك المنطقة بعد ذلك، ودخلت الشام تحت حكم المسلمين.

كما أن كلاهما لم يعد له مُلك قوي في المناطق التي كانت تحت سيطرتهم آنذاك. وقد أشار العلماء إلى أن السبب في بقاء ملك قيصر في مناطق أخرى، هو أنه لم يمزق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، بل احترمها.


فتح كنوز كسرى وقيصر

لم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بالإخبار عن زوال ملكيهما، بل أخبر أيضًا عن فتح كنوزهما، فقال: (أُعطيتُ الكنزين: الأحمر والأبيض) رواه مسلم.

ويقصد بالكنز الأحمر كنوز قيصر (الذهب)، وبالكنز الأبيض كنوز كسرى (الفضة). وقد تحققت هذه النبوءة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما فتح المسلمون فارس والشام، وجيء إليه بكنوزهما، فوزعها في سبيل الله.

وقد روى عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه كان يرى في نفسه استغرابًا عندما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم عن فتح كنوز كسرى، لكنه قال: "وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز".


رسائل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك

أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسائل إلى ملوك العالم يدعوهم إلى الإسلام. وقد تفاوتت ردود فعلهم، فمنهم من تأدب واحترم الرسالة، ومنهم من كسرها ومزقها.

  • هرقل (قيصر): عندما وصلت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل، لم يمزقها، بل استفسر عن النبي وسأل عنه أبا سفيان. وقد أقر بصدق النبي، وقال: "إن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين".
  • كسرى: أما كسرى، فقد مزق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم بغضب، فدعا عليه النبي أن يُمزَّق ملكه، فما هي إلا سنوات حتى قتل كسرى ذليلًا، وتمزق ملكه إلى الأبد.

إن هذه النبوءات وغيرها الكثير، ما هي إلا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مؤيدًا من الله تعالى، وأن كل ما قاله هو الحق. إنها دعوة للتأمل في عظمة هذا الدين، وعظمة من جاء به.

إرسال تعليق

0 تعليقات
* يرجى عدم إرسال رسائل غير مرغوب فيها هنا.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !