الرُقْية من أدوية الطب النبوي

0

 


الرقية الشرعية: الطب النبوي والعلاج الروحي

اهتمت كتب السيرة والسنة النبوية اهتمامًا بالغًا بالأمراض وعلاجها، وخصص لها العلماء فصولًا كاملة، مؤكدين على أن الرقية الشرعية والتداوي بالأدعية النبوية والقرآن الكريم هي وسيلة علاج نافعة بإذن الله، لا تتعارض مع الأخذ بالأسباب الدوائية الحديثة. فقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي، وقال: (تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء) رواه أبو داود.


شروط الرقية الشرعية

لضمان أن تكون الرقية شرعية ومقبولة، وضع العلماء ثلاثة شروط أساسية:

  1. القرآن والسنة: أن تكون بكلام الله، أو بأسمائه وصفاته، أو بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
  2. اللغة العربية: أن تكون باللغة العربية، أو بما يُعرف معناه من اللغات الأخرى.
  3. الاعتقاد الجازم: أن يعتقد الراقي والمريض أن الشفاء من عند الله وحده، وأن الرقية مجرد سبب.

أمثلة من الرقية النبوية

1. الرقية بالفاتحة

تُعد سورة الفاتحة من أعظم سور القرآن، وقد وردت أحاديث صحيحة تؤكد فضلها في العلاج. ومن أشهر هذه القصص ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، عندما لدغ سيد قوم لدغة، فقرأ عليه أحد الصحابة سورة الفاتحة، فشفاه الله كأنه لم يكن به علة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (وما يدريك أنها رقية؟) رواه البخاري.

يقول ابن القيم: "القرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية". فإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان، لم يقاومه الداء أبدًا.

2. رقية المريض

كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم عند زيارة المريض أن يرقيه ويدعو له بالشفاء. ومن هذه الأدعية:

  • (أذْهِب الباس، رب الناس، اشفِ وأنتَ الشافي، لا شفاءَ إلا شفاؤك، شفاءً لا يُغادر سقما) رواه البخاري.
  • (أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات) رواه أحمد.
  • (ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثاً، وقل: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات) رواه مسلم.

3. رقية الطفل

أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطريقة الصحيحة لتحصين الأطفال وحمايتهم من العين والحسد، حيث كان يُعَوِّذُ الحسن والحسين رضي الله عنهما بقوله: (أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة) رواه البخاري. كما كان يقرأ عليهما المعوذتين ويمسح بهما على أجسادهما.


الجمع بين العلاجين

لا يوجد أي تعارض بين الرقية الشرعية والعلاج الطبي الحديث. بل الأفضل هو الجمع بينهما، فكلاهما من الأسباب التي قد يكتب الله بها الشفاء. المهم أن يبقى القلب معلقًا بالله وحده، مع الاعتقاد الجازم بأن الشافي هو الله، وأن كل الأسباب لا تنفع إلا بتقديره. قال تعالى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} (الشعراء:80).

إرسال تعليق

0 تعليقات
* يرجى عدم إرسال رسائل غير مرغوب فيها هنا.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !