جريمة الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم
الكذب صفة ذميمة وعمل قبيح حرمه الله تعالى. وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن الصدق يهدي إلى الجنة، بينما الكذب يهدي إلى النار.
لكن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم له خطورة خاصة وجريمة أعظم، حيث اعتبره العلماء من أكبر الكبائر. وذلك لأن الكذب عليه ليس كالكذب على أي شخص آخر.
لماذا الكذب على النبي ليس كالكذب على أحد؟
إن الوعيد الشديد الذي جاء في الأحاديث النبوية لمن يكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم يدل على عظم هذه الجريمة:
- (إن كذِباً عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) رواه البخاري.
- (لا تكذبوا عليَّ، فإنه من كذب عليَّ فلْيَلِجِ النار) رواه البخاري.
- (من حدَّث عنِّي حديثًا وهو يرَى أنَّه كذِبٌ فهو أحدُ الكاذبَيْن) رواه ابن ماجه.
هذا التهديد والوعيد الشديد سببه أن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم هو في الحقيقة كذب على الشريعة كلها، لأنه يهدف إلى إدخال ما ليس منها فيها، مما يترتب عليه فساد الدين وهدم أركانه. فالنبي مبلغ عن الله، والكذب عليه كذب على الله.
الكذب المتعمد والخطأ غير المتعمد
الأحاديث التي توعدت من يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم بالنار، أغلبها يخص من يتعمد الكذب. وذلك لأن الله لا يؤاخذ الناس على الخطأ والنسيان. قال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} (الأحزاب: 5).
ومع ذلك، فإن الصحابة الكرام رضوان الله عليهم كانوا يتخوفون من الإكثار في رواية الحديث خوفًا من الوقوع في الخطأ غير المقصود. هذا الخوف يدل على مدى حرصهم على عدم نسبة أي قول للنبي صلى الله عليه وسلم لم يقله.
- قال الزبير بن العوام رضي الله عنه: (أما أني لم أفارقه، ولكن سمعته يقول: من كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار).
- وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: (إنه يمنعني أن أحدثكم حديثا كثيرا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كذب علي...).
هذا التخوف ليس لأنه يخشى الإثم من الخطأ، بل لأنه يخشى أن يتسبب في إيصال معلومات خاطئة للأجيال القادمة فيعملون بها.
المسلم وتحري الصدق
من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا أن نتحرى الصدق في كل ما ننسبه إليه من أقوال وأفعال. لا ينبغي أن نأخذ بحديث لم نتأكد من صحته، خاصة في هذا العصر الذي تنتشر فيه الأكاذيب بسرعة.
علينا أن نحافظ على نقاء سنته وشريعته، وأن نكون أمناء في نقل ما جاء عنه، لنكون بذلك من الصادقين الذين وعدهم الله بالبر والجنة.