معجزة السمع: كيف سمع النبي صلى الله عليه وسلم ما لا نسمع؟
اصطفى الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم وخصّه بخصائص فريدة، لم يمنحها لأحد من قبله. ومن هذه الخصائص العظيمة، قدرته على سماع ما لا يسمعه البشر العاديون. هذه القدرة الإلهية كانت إعدادًا خاصًا له ليتمكن من تلقي الوحي ورؤية وسماع أمور الغيب.
سماع عذاب القبر
أحد أبرز الأمثلة على هذه المعجزة هو سماعه صلى الله عليه وسلم لعذاب القبر. في عدة مواقف، كان يمر على قبور فيسمع عذاب أصحابها، في حين لا يسمع الصحابة شيئًا.
- حديث القبرين: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فأخبر أصحابه أنهما يُعذبان، أحدهما بسبب عدم تنزهه من البول، والآخر بسبب النميمة. الصحابة لم يسمعوا شيئًا، وهذا يؤكد أن الله كشف لنبيه هذا الأمر الغيبي. وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لولا ألا تدافنوا لدعوتُ الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع) رواه مسلم.
هذا الحديث يُظهر قدرة النبي صلى الله عليه وسلم على سماع ما يعجز عن سماعه البشر، وهذا دليل على صدق رسالته.
سماع أطيط السماء
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن أمر عظيم سمعه ورآه. قال لهم: (إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطّت السماء وحُقّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلاّ ومَلَكٌ واضع جبهته ساجدًا لله) رواه أحمد.
- أطيط السماء: الأطيط هو الصوت الذي يصدر من الشيء عند ثقله. ومعنى الحديث أن السماء تثقل من كثرة الملائكة الساجدين لله، حتى أنك لا تجد موضعًا فارغًا فيها.
- قدرة إلهية: هذه الرؤية والسمع لا يمتلكها أي إنسان. وقد خص الله بها نبيه ليُطلعه على عظمة خلق الله وكمال عبودية ملائكته، وهذا يزيد في إيمان النبي ويقينه.
تنبيه هام
إن هذه الخصائص النبوية، سواء كانت سمعًا أو بصرًا، لا تثبت إلا بدليل صحيح من القرآن والسنة. لا يجوز أن نثبت للنبي صلى الله عليه وسلم خصائص لم ترد في النصوص الصحيحة، كما لا يجوز إنكار ما ثبت منها. فالنبي صلى الله عليه وسلم بشر، لكنه ليس كأي بشر، فهو معصوم ومؤيد بالوحي من ربه.
لقد كانت معجزاته وخوارق العادات التي أيّده الله بها دليلاً على صدق نبوته، وتكريمًا له من ربه. نسأل الله أن يرزقنا اتباع سنته والاقتداء بهديه.
