آداب وفضائل زيارة المسجد النبوي
زيارة مسجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشد الرحال إليه عبادة مستحبة في أي وقت، وهي من القربات التي انعقد الإجماع على استحبابها، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ومسجد الأقصى) (البخاري).
وعلى المسلم أن يستشعر نعمة الله عليه إذا وفقه لزيارة مدينة الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومسجده، ويستحضر في قلبه شرف المدينة، إذ هي حرم رسول الله، ودار هجرته، ومهبط وحيه، ومثواه بعد موته، بها قامت دولة الإسلام، وانتشر منها نور الهداية إلى جميع بقاع الأرض، وهي أفضل البقاع بعد مكة، من أرادها بسوء أذابه الله، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال أبو القاسم ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (من أراد هذه البلدة بسوء ـ يعني المدينة ـ أذابه الله كما يذوب الملح في الماء) (مسلم).
فضل المدينة وحرمتها
المدينة المنورة بالحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ لها حرمة كحرمة مكة، ولم يثبت لغيرها ذلك، فقد روى مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها - طرفيها -، لا يقطع عِضَاهُها - شجر فيه شوك -، ولا يصاد صيدها) (مسلم).
ومن ثم ينبغي رعاية حرمتها، وأن يصرف المسلم وقته حال وجوده بها في طاعة الله، وليحرص كل الحرص على الصلاة والعبادة في المسجد النبوي، لما في ذلك من الأجر الكبير والثواب العظيم، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) (البخاري).
آداب زيارة المسجد النبوي
لمسجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وزيارته آداب كثيرة ينبغي التأدب بها، إذ حرمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حياً كحرمته ميتاً:
-
آداب الدخول: إذا وصل الزائر إلى مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سُنَّ له أن يقدم رجله اليمنى وأن يقول: (بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك) (مسلم).
-
صلاة تحية المسجد: ثم يصلي تحية المسجد، والأفضل أن يصليها في الروضة الشريفة، لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة) (البخاري).
-
زيارة القبر النبوي: بعد الصلاة يزور قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقبري صاحبيه: أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ، فيقف تجاه قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأدب وخفض صوت، ثم يسلم عليه قائلًا: "السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته". ويجمع بين التسليم والصلاة عليه، ثم يسلم على أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ ويدعو لهما.
-
عدم التمسح بالقبر: لا يجوز لزائر مسجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يتمسح بالحجرة أو يقبلها أو يطوف بها، لأن ذلك لم ينقل عن السلف الصالح، بل هو بدعة منكرة.
-
عدم رفع الصوت: يلزم الزائر أن لا يرفع صوته فيه، لأن الله نهى المؤمنين عن رفع أصواتهم فوق صوت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. قال السائب بن يزيد: (كنت نائماً في المسجد فحصبني رجلٌ فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، فقال: اذهب فأتني بهذين، فجئته بهما، فقال: مِن من أنتما؟... قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ) (البخاري).
-
الدعاء: إذا أراد الزائر الدعاء فليتوجه إلى القبلة ويدعو، ولا يحرص على تحري الدعاء عند قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مستقبلًا للقبر، فهذا كله خلاف ما كان عليه السلف الصالح.
تنبيه هام
إن زيارة المسجد النبوي مستحبة في أي وقت، ومشروعة قبل الحج وبعده، ولا تعلق لها بمناسك الحج والعمرة، فهي عبادة مستقلة، خلاف ما يعتقد البعض من أنه لابد منها في الحج أو العمرة، فليست ركنًا ولا شرطًا فيهما.
ولكن إذا وصل الحاج أو المعتمر إلى تلك البقاع الطاهرة فليحرص على زيارة مسجد الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ والصلاة والإكثار من العبادة فيه، لما في ذلك من فضل وشرف وأجر كبير، مع التزامه بآداب هذه الزيارة.