الأولاد في الإسلام: نعمة، وزينة، وأمانة
الأولاد هم هبة من الله عز وجل، يمن بها على من يشاء، سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً. هم زينة الحياة الدنيا وبهجتها، وبقدومهم تكتمل سعادة الأسر، ولذلك يعتبر حرمانهم ابتلاءً عظيماً من الله يختبر به صبر عبده. لقد حرصت الشريعة الإسلامية على بيان مكانة الأبناء، وأكدت على ضرورة حسن تربيتهم ليكونوا قرة عين في الدنيا والآخرة.
الأولاد في القرآن الكريم
يصف القرآن الكريم الأولاد بأنهم:
- هبة من الله تعالى: يُقرّ القرآن بأن الذرية رزق من الله وحده، يوزعها كيف يشاء: {لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ} (الشورى: 49).
- زينة الحياة الدنيا: يؤكد القرآن أن المال والبنين زينة يتجمل بها الإنسان في حياته الدنيا، لكنه يشدد على أن الأعمال الصالحة هي الأبقى والأكثر ثواباً: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} (الكهف: 46).
- امتداد لعمل الوالدين: إذا كان الأبناء على إيمان وصلاح، فإنهم يلحقون بوالديهم في الجنة، حتى لو لم يبلغوا درجتهم في العمل، وهذا من رحمة الله بعباده: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (الطور: 21).
- أمانة ومسؤولية: حذر الإسلام من قتل الأولاد خوفاً من الفقر، فالرزق بيد الله وحده، وهو الذي يرزقهم ويرزق والديهم: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} (الإسراء: 31).
الأولاد في السنة النبوية
تؤكد السنة النبوية على عدة جوانب تتعلق بالأبناء:
- مسؤولية الوالدين: كل أب وأم مسؤول عن تربية أبنائه ورعايتهم. قال رسول الله ﷺ: "كلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مسئولٌ عنْ رعِيَّتِهِ،... والرَّجُلُ رَاعٍ في أَهْلِهِ ومسئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيةٌ في بَيْتِ زَوْجِهَا ومسئولة عَنْ رعِيَّتِهَا" (متفق عليه).
- الولد الصالح صدقة جارية: بعد وفاة الإنسان، يستمر ثوابه بفضل الأعمال الصالحة التي تركها، ومنها الولد الصالح الذي يدعو له. قال النبي ﷺ: "إذا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ... أو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ" (رواه مسلم).
- فضل تربية البنات: بين النبي ﷺ الفضل العظيم لمن يربي البنات ويحسن إليهن، فمن يعولهن، فإن جزاءه الجنة ومصاحبة النبي ﷺ: "مَن عال ابنتينِ أو ثلاثًا... حتَّى يَبِنَّ أو يموتَ عنهنَّ كُنْتُ أنا وهو في الجنَّةِ كهاتينِ" (رواه ابن ماجه).
خلاصة
الأولاد في الإسلام ليسوا مجرد زينة أو متعة، بل هم نعمة عظيمة تستوجب الشكر، ومسؤولية كبرى تقتضي حسن التربية والرعاية. فصلاحهم في الدنيا هو خير للوالدين، ودعاؤهم بعد وفاتهم هو خير زاد، وتربيتهم على الفضيلة هي الطريق إلى الجنة.