من دلائل النبوة في القرآن والسيرة النبوية

0

 


علم الغيب هو أمر اختص به الله سبحانه وتعالى وحده، كما قال: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (النمل: 65)، وقوله: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} (الأنعام: 59). ومع ذلك، فقد أطلع الله من شاء من رسله على جزء من غيبه، ليجعل ذلك معجزة ودليلًا على صدقهم ونبوتهم، كما جاء في قوله: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (الجـن:26-27).

وإن إخبار نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن أحداث غيبية مستقبلية وقعت كما أخبر بها، سواء في حياته أو بعد وفاته، هو دليل قاطع على صدق نبوته ورسالته. وقد حوت السيرة النبوية والقرآن الكريم الكثير من هذه الدلائل.

ولذلك قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:

نبي يرى ما لا يرى الناس حوله ويتلو كتاب الله في كل مشهد
فإن قال في يوم مقالة غائب فتصديقها في صحوة اليوم أو غد

---

دلائل نبوية من القرآن الكريم

  • انتصار الروم على الفرس: في مكة، قبل الهجرة، انتصر الفرس على الروم. وحزن المسلمون لهذا الانتصار لأن الروم أقرب إليهم في الدين. فنزل قوله تعالى: {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ} (الروم:1-4). وقد وقع هذا الانتصار بعد سبع سنوات، مما أدى إلى إسلام كثير من الناس. وقد راهن أبو بكر الصديق أحد المشركين على ذلك، وتحقق الوعد الإلهي.
  • هزيمة المشركين في بدر: أخبر القرآن الكريم بهزيمة المشركين في غزوة بدر قبل وقوعها، فقال تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (القمر:45). وقد تحققت هذه الآية في معركة بدر، حيث هُزم المشركون وفروا من ساحة المعركة.
  • دخول المسجد الحرام آمنين: وعد الله نبيه والمؤمنين بدخول المسجد الحرام آمنين، فقال تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ} (الفتح:27). وقد وقع هذا الوعد بعد عام من نزول الآية في صلح الحديبية، وبعد عامين في فتح مكة.
---

دلائل نبوية من السيرة والأحاديث

كما ورد في القرآن الكريم، فإن السيرة والأحاديث النبوية مليئة بأخبار غيبية مستقبلية وقعت كما أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من أعلام نبوته. من هذه الأخبار:

  • فتح مصر: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بأنهم سيفتحون مصر، فقال: (إنكم ستفتحون مصر). وقد وقع ذلك بعد وفاته صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات، على يد عمرو بن العاص رضي الله عنه.
  • موت فاطمة رضي الله عنها: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة بأنها أول من سيلحق به من أهله، فكانت أول من مات من أهل بيته بعده، بعد أقل من ستة أشهر من وفاته.
  • الشهادة: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بوفاة عمر وعثمان وعلي وطلحة رضي الله عنهم شهداء. وقد تحققت هذه النبوءات، حيث قُتلوا جميعًا شهداء كما أخبر.
  • مصارع أهل بدر: قبل معركة بدر، أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أماكن معينة وقال: (هذا مصرع فلان غدًا إن شاء الله)، وقد تحققت هذه النبوءة بدقة، حيث وُجد قتلى المشركين في الأماكن التي حددها.

إن كل هذه النبوءات الغيبية التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم، والتي وردت في القرآن والسنة، هي دليل على صدق نبوته، وأنه لا ينطق عن الهوى، بل هو وحي من الله، كما قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم:3-4).

إرسال تعليق

0 تعليقات
* يرجى عدم إرسال رسائل غير مرغوب فيها هنا.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !