النبوءة بالشهادة: معجزة النبي ﷺ في إخباره عن موت الخلفاء الراشدين
من أعظم الدلائل التي أيد الله بها نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم، إخباره عن أمور غيبية مستقبلية وقعت كما أخبر بها تمامًا. فالنبي لا ينطق عن الهوى، بل هو وحي يوحى، وهذا العلم الغيبي دليل قاطع على صدق رسالته. ومن أبرز هذه النبوءات، إخباره بموت بعض أصحابه وآل بيته شهداء.
1. عمر وعثمان وعلي: الشهداء على جبل حراء
روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على جبل حراء ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، فاهتز الجبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اسكن حراء! فما عليك إلا نبيٌّ، أو صدِّيقٌ، أو شهيدٌ) رواه مسلم.
وقد تحققت هذه النبوءة، فقد مات كل من كان على الجبل، باستثناء النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، شهداء. وهذا دليل واضح على صدق نبوته، كما قال النووي: "وفي هذا الحديث معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، منها إخباره أن هؤلاء شهداء".
2. عمر بن الخطاب: الشهادة في المحراب
لم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بالبشارة العامة، بل خص عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحديث آخر، عندما رآه يلبس قميصًا أبيض، فقال له: (البَس جديدًا، وعِش حميدًا، ومت شَهيدًا) رواه ابن ماجه. وقد استشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يؤم المسلمين في صلاة الفجر، فكانت خاتمته كما أخبر النبي تمامًا.
3. عثمان بن عفان: الشهادة على بلوى
وفي موقف آخر، بشر النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان بالجنة، وأخبره بأنها ستكون على "بلوى تصيبه". روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له عندما جاء عثمان: (ائذن له، وبشره بالجنة على بلوى تصيبه) رواه البخاري.
وقد تحققت النبوءة، حيث استشهد عثمان رضي الله عنه في فتنة، وهو يقرأ القرآن، فكانت تلك البلوى سببًا لشهادته التي وعده بها النبي صلى الله عليه وسلم.
4. علي بن أبي طالب: الشهادة بضربة في الرأس
وبشر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب بأنه سيقتل بضربة في رأسه، فقال له: (إنك ستُضرب ضربةً ههنا، ويكون صاحبها أشقاها، كما كان عاقرُ الناقة أشقى ثمود) رواه الحاكم. وبسبب هذا اليقين، لم يكن علي رضي الله عنه يخاف من الموت أو المرض، لعلمه أن نهايته ستكون شهادة كما أخبره النبي.
كل هذه الأمثلة، وغيرها الكثير، لا يمكن أن تصدر إلا من نبي موحى إليه من ربه. إنها دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الصادق المصدوق، وأن ما قاله هو الحق الذي لا ريب فيه.
